تدوير البلاستيك سوق إماراتية عالمية للتداول
يمثل التلوث الناتج عن استخدام البلاستيك مشكلة عالمية لا يمكن حلها عبر الجهود المحلية الفردية فقط، بل تحتاج إلى تعاون مختلف دول العالم لمواجهتها. وقد كانت الإمارات سباقة في تقديم حل مبتكر للمساهمة في جهود خفض التلوث البلاستيكي على مستوى العالم، بعد إعلان شركة «العالمية القابضة» تأسيس منصة «ريباوند بلاستيك إكستشيج» تضمن عوامل الثقة والجودة في قطاع تداول البلاستيك القابل لإعادة التدوير والمعاد تدويره، وتوفر كذلك قنوات للربط بين البائعين والمشترين حول العالم تجعلها بمثابة سوق عالمية للتداول في هذا القطاع.
تهدف منصة «ريباوند بلاستيك إكستشيج» إلى زيادة كفاءة مجالات إعادة تدوير البلاستيك على نطاق واسع وتوفير فرص اقتصادية جديدة وتقليل تأثير التلوث البلاستيكي على الكوكب، وبذلك تسهم الشركة بتأسيس مكانة لدولة الإمارات في هذا القطاع الحيوي كمركز إقليمي وعالمي لتداول المواد البلاستيكية القابلة للتدوير والمعاد تدويرها والمساهمة في تعزيز الاقتصاد الدائري عالمياً واجتذاب نوعية جديدة من الاستثمارات.
وتتوقع دراسات حديثة أن يتضاعف معدل استخدام المواد البلاستيكية ثلاث مرات، أي بنسبة 300 % بحلول عام 2060، إضافة إلى كمية النفايات غير القابلة للتحلل، وذلك في حال بقي الأمر على حاله ولم يتم اتخاذ إجراءات ملموسة تشجع الشركات على استخدام المواد البلاستيكية المعاد تدويرها.
وتشير أحدث الإحصاءات إلى أنّ كلَّ فردٍ في الإمارات يستخدم سنوياً 1182 كيساً بلاستيكياً و450 عبوة مياه غير قابلة لإعادة الاستخدام، وهو عدد مرتفع للغاية ويحتاج إلى التمعّن فيه واتخاذ خطوات ملموسة لزيادة مستوى الوعي بين أفراد المجتمع لتغيير سلوكياتهم واعتمد بدائل أكثر استدامة.
محطات
وتتمركز محطات إعادة التدوير في الإمارات، في مناطق مختلفة، حيث تقوم سلطات البلدية في كل إمارة بتنظيمها والإشراف على عمليات جمع النفايات وإعادة تدويرها. ويوجد حالياً نحو 100 مركز لإعادة تدوير النفايات في أنحاء مختلفة على امتداد الدولة، يقع 77 مركزاً منها في دبي. وبلغ إجمالي النفايات البلاستيكية التي تم جمعها بعد الاستهلاك في الإمارات خلال 2020 نحو 1.500,000 طن متري، والتي تم إعادة تدوير جزء منها. ويتوقع تقرير لشركة «ماركتس أند ماركتس» أن ينمو السوق العالمي للبلاستيك المعاد تدويره من 27.9 مليار دولار العام الماضي إلى 43.5 مليار دولار في 2026 بنمو سنوي مركب يبلغ 93%.
منصة
وتؤّكد مريم المنصوري، مدير عام شركة «ريباوند» في تصريحات خاصة لـ«البيان»، أنّ منصة «ريباوند» التابعة لـ«الشركة العالمية القابضة» ومقرها أبوظبي هي مبادرة خضراء من الإمارات إلى العالم تعد الأولى من نوعها في العالم، وتهدف إلى دعم النمو المستدام وتوفير سوق آمنة لنقل وتداول المواد البلاستيكية المعاد تدويرها، والتي تتمتع بجودة عالية ومضمونة بسهولة عبر الحدود، مشيرة إلى أن السوق تقدم حلاً جذرياً ذا فوائد اقتصادية وتأثير بيئي كبير.
وقالت: «إن الشركة قامت مؤخراً بتشكيل فريق من الخبراء العالميين في الصناعة والتكنولوجيا لمواجهة تحديات تدوير البلاستيك، والحد من انتشار المواد البلاستيكية في مجتمعاتنا». وأضافت: «تتيح منصة ريباوند للمشترين البائعين تداول المواد البلاستيكية المعاد تدويرها على نطاق واسع، وقد قمنا كذلك بإنشاء بروتوكول فريد بمعايير عالمية عبر المواصفات الخاصة بريباوند، بهدف توحيد الجهود العالمية وخلق فرص تعاون لمعالجة تحديات التلوث التي تواجه العالم».
وعي
وقالت: «إن عملية إيجاد حلول مفيدة لمعالجة انتشار النفايات البلاستيكية في مجتمعنا تبدأ مع استيعاب وإدراك أن البلاستيك يشكل مادة أولية ضرورية وذات قيمة بالنسبة للعديد من القطاعات، ويجب على أصحاب المصلحة عبر سلسلة القيمة اغتنام الفرص الاقتصادية التي توفرها عمليات إعادة تدوير المواد البلاستيكية. وتشكل التغييرات المنهجية التي تبدأ مع إحداث تحولات على مستوى سلوكيات المستهلكين وصولاً إلى إعادة تدوير المواد البلاستيكية – بدلاً من رميها في مكبّات النفايات – خطوات رئيسة لتعزيز مفهوم الاقتصاد الدائري في مجتمعاتنا». وأضافت: «بالنظر إلى أن المعدلات العالمية لإعادة تدوير المواد البلاستيكية تبلغ 16% فقط، فإن زيادة وعي أفراد المجتمع واعتماد الطرق الصحيحة لجمع وإعادة تدوير المواد البلاستيكية وتمكين تداولها على نحو سلس وموثوق، تعتبر بعض الإجراءات المهمة والحاسمة التي يجب تنفيذها اليوم لإنقاذ كوكبنا من الأضرار التي يسببها التلوث البلاستيكي للبيئة».
تعاون
وحول سبل تعزيز مشاركة القطاعين العام والخاص لاتباع نهج أكثر استباقية والعمل معاً للتخفيف من المعدلات الحالية للتلوث البلاستيكي، أوضحت: «يمكن أن يسهم كل قطاع من قطاعات الأعمال في الإمارات بدور حيوي وفريد على صعيد معالجة معدلات استخدام المواد البلاستيكية وطرق تجميعها. وتشكل الشراكات بين القطاعين العام والخاص واحدة من الركائز الأساسية التي من شأنها المساعدة في تنفيذ الالتزامات والتعهدات الحالية المتعلقة بإعادة تدوير المواد البلاستيكية، والتي تشمل أيضاً خطط سياسة المسؤولية الممتدة للمنتج (EPR)، وهي سياسة بيئية تهدف إلى خفض الأثر البيئي الناتج عن التعامل مع المنتجات الاستهلاكية، من خلال تحمل المنتجين المسؤولية عن دورة حياة منتجاتهم بما في ذلك مرحلة ما بعد الاستهلاك. ويمكن للشراكات بين القطاعين العام والخاص أن تسهم في زيادة وعي المستهلكين من خلال تعزيز اللوائح المتعلقة بالسياسات المحلية لاستخدام المواد البلاستيكية. كما يمكن أن تسهم الشراكات مع المؤسسات الأكاديمية والموجّهة لتنفيذ سياسة الاقتصاد الدائري في تمكين الهيئات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص من تجربة استثمارات جديدة على مستوى البنية التحتية».
فوائد
وقال الدكتور أنس باتاو، مدير مركز التميز في البناء الذكي وأستاذ مشارك – الإنشاءات الذكية في جامعة هيريوت وات دبي: «لم يعد يُنظر إلى ممارسات تدوير البلاستيك على أنها رفاهية، بل أصبحت ضرورية». وأضاف: «في الشرق الأوسط على وجه التحديد، كان هناك الكثير من الزيادة في استخدام البلاستيك بسبب نمو الصناعة والزيادة السكانية.. يمكن لاقتصادات الدول تحقيق العديد من الفوائد من خلال إعادة تدوير المواد البلاستيكية، بما في ذلك الحد من نسب إشغال مساحات واسعة من مكبّات النفايات، وتقليل الانبعاثات الكربونية، بما يدعم الطموحات العالمية لتحقيق الحياد المناخي. وسيساعد تعزيز عمليات إعادة تدوير المواد البلاستيكية على الصعيد العالمي الحكومات على تحقيق وفورات جيدة من عمليات تحويل النفايات البلاستيكية إلى مكب النفايات، وتجنّب انبعاثات الغازات الدفيئة». طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App منبع: عربية CNBC