الاستقرار الاقتصادي سر نجاح الإمارات
أكد عدد من الخبراء والمفكرين الاقتصاديين، أن الإمارات تأسست على نموذج اقتصادي يواكب العالمية، وأن الاستقرار الاقتصادي سر نجاح الدولة، حيث أثبت الاقتصاد قدرته على استيعاب الصدمات القوية وتجاوز الأزمات.
وقال الخبراء إن الإمارات تميزت بأداء قوي في إدارة المرافق، مشيرين إلى أن التفوق الرقمي للدولة، سوف يرسم حدودها العالمية، باعتبارها عاصمة للمستقبل. وأكدوا أن المشرع الإماراتي وصل إلى مرحلة من النضج لإصدار التشريعات المناسبة وتسهيل الإجراءات، وأن الدولة أبلت بلاءً حسناً في إعداد المواطن لبناء المستقبل، وأهلت كوادر وطنية تقود التقدم الاقتصادي، كما أنها سبقت دول العالم في إطلاق الحكومة الرقمية. كما أن المناطق الحرة، استطاعت خلال السنوات الماضية استقطاب استثمارات مباشرة كبيرة، وأن الهيئات الاقتصادية، تقوم بدور كبير في تسجيل الشركات ومنح الرخص.
جاء ذلك خلال البرنامج الحواري «مساحتكم عبر البيان»، على حساب «البيان»، عبر منصة «تويتر»، تحت عنوان «استثمارات الإمارات.. نموذج تنموي وريادة عالمية». شارك في الحوار جمال الجروان، الأمين العام لمجلس الإمارات للمستثمرين في الخارج، وشريف العوضي مدير عام هيئة المنطقة الحرة بالفجيرة، وأسامة آل رحمة رئيس تطوير الأعمال في بنك الإمارات للاستثمار، وصلاح خميس، الباحث والخبير الاقتصادي والمحلل السياسي. وأدار اللقاء نور عماشة مقدمة البرامج الاقتصادية في «اقتصاد الشرق مع بلومبرغ».
بنية تحتية
وقال جمال الجروان: لا يخفي على الجميع قصة نجاح الإمارات، فاليوم الدولة تتربع في المركز الأول في المنطقة العربية وغرب آسيا، في ما يتعلق بالاستثمارات الواردة، والنجاح تحقق نتيجة جهد كبير خلال الخمسين عاماً الماضية في مختلف المجالات.
وأوضح أن الإمارات عملت خلال الخمسين عاماً الماضية على تأسيس بنية تحتية نموذجية، وظهر ذلك واضحاً في المطارات والموانئ والطرق، وكذلك من حيث التشريعات والقوانين التي تسهم في جذب المستثمرين من كل أنحاء العالم، إيماناً بدور الإمارات في دعم اقتصاد المنطقة والعالم. وأضاف أن كل هذا أتى بثماره، وتبوأت الدولة مكانتها كلاعب قوي في المنطقة، فلدينا قوانين وتشريعات تحمي المستثمر الأجنبي.
وحول ما يميز الإمارات عن غيرها، لتكون بيئة جاذبة للأعمال والاستثمارات، أكد أن تميز الإمارات في عملية التنفيذ والإدارة للمشروعات الكبيرة، حيث نجحت في خلق نموذج مميز في الإدارة، فهناك تناغم واضح بين القطاعين الحكومي والخاص، وهو نتاج عمل وتكامل لخمسين عاماً، فأصبح للإمارات «براند» عالمي فريد، حيث تدير مرافقها بامتياز، فلدينا طيران يحلق لأكثر من 150 وجهة، والدولة تدير أكثر من 80 ميناءً حول العالم، ولدينا شبكات اتصالات منتشرة في مختلف دول العالم.
وأضاف أن للدولة تأثيراً وقوة بما لديها من تأثير في سلاسل الإمداد والتجارة العالمية، مؤكداً أن الإمارات حققت نجاحات اقتصادية كبيرة ميزت الدولة. وأوضح أن المستثمر الأجنبي ينظر إلى القوانين أولاً، قبل الدخول للاستثمار في أي دولة، مؤكداً أن الإمارات تخطو خطى واثقة نحو المستقبل، وتركز على الاستثمار في الكوادر، وتركيزنا على التشريعات لزيادة جاذبية الدولة للاستثمارات العالمية. وأشار إلى أن التشريع والقانون ينظم العمل التجاري والاقتصادي، وهذا ما يميز الدولة، فالمشرع الإماراتي وصل إلى مرحلة من النضج الواضح، لإصدار التشريعات المناسبة، وتسهيل القوانين والتشريعات، وقال: هذا ما لمسته بحكم قربي من وزارة الاقتصاد.
تجاوز الأزمات
من ناحيته، أكد أسامة آل رحمة، أن ما يمر به العالم من ظروف وتداعيات الجائحة، وزيادة التضخم، وتعطل سلاسل الإنتاج وحالة الغلاء، وارتفاع الأسعار بشكل عام، وخاصة أسعار الطاقة، مشيراً إلى أن هذه التحديات تشكل اختبارات لقوة اقتصادات الدول.
وأضاف أن اقتصاد الإمارات، أثبت قدرته على استيعاب الصدمات القوية، وتجاوز الأزمات، مشيراً إلى أن الدولة منذ مرحلة التأسيس، اهتمت بتطوير البنية التشريعية، وكيف تكون جاذبة للاستثمارات، فلم تعتمد الإمارات على عوائد النفط فقط، واليوم، يشكل النفط 25 % فقط من الناتج الإجمالي للدولة، وهذا يعني قوة اقتصاد الدولة، فالإمارات نموذج يحتذى في جذب الاستثمارات.
وحول أهم التحديات التي تواجه الإمارات، أكد أسامة آل رحمة، ضرورة تعزيز البنية التشريعية، مشيراً إلى التطور الكبير في هذا الإطار، خلال السنوات الأخيرة، ومنها السماح بتملك الأجانب، وغيرها من القوانين الحديثة، بالإضافة إلى قدرة المؤسسات المالية على استيعاب تدفقات نقدية كبيرة. وأضاف أن المستثمر يبحث عن عائد استثماري جيد، مشيراً إلى أهمية القدرة على ترويج المشروعات الكبيرة، التي تشكل جزءاً من التنمية المستدامة لاقتصاد الدولة.
المناطق الحرة
وحول دور المناطق الحرة في جذب الاستثمارات، أكد أسامة آل رحمة، أن المناطق الحرة استطاعت خلال السنوات الماضية، استقطاب استثمارات مباشر كثيرة، وخصوصاً المناطق الحرة المتخصصة، مشيراً إلى التطور الكبير في منطقة جبل علي، واستقطاب الصناعات المتنوعة والشركات العالمية.
وأضاف أن كثيراً من الشركات العالمية، وجدت المناطق الحرة الإماراتية مواقع حيوية، تتميز بالبنية التحتية القوية، ووجد المستثمرون كل عوامل النجاح الاقتصادي في الإمارات، انطلاقاً إلى محيط إقليمي، يضم نحو مليارين إلى ثلاثة مليارات نسمة.
وقال: لدينا تقنيات متقدمة، ونجحت الدولة في إيجاد المناخ الجيد في هذه المناطق الحرة، التي ساهمت في تحريك الاقتصاد الإماراتي بشكل عام. وأضاف أن إسهام الشركات الصغيرة أو المتوسطة في الاقتصاد الوطني كبير، مشيراً إلى أن أهم مميزات الدولة استشراف المستقبل، وتهيئة المناخ والبنية التحتية، وحسن قراءة الأحداث.
وقال: لدينا الاستراتيجية الإماراتية للثورة الصناعية الرابعة، بالإضافة إلى تبني الاقتصاد الرقمي، فالدولة لديها رؤية واضحة، وما نراه الآن عملية تنفيذ للخطط والاستراتيجيات. وأشار إلى أن التفوق الرقمي لدولة الإمارات، سوف يرسم حدودها العالمية، باعتبارها عاصمة للمستقبل، وهو أحد المبادئ العشرة للخمسين سنة المقبلة.
تحديات كبرى
من جانبه، أكد صلاح خميس، أن الإمارات تأسست على نموذج اقتصادي يواكب العالمية، بل سبق العالم في كثير من الخطط والسياسات، وقال: واجه العالم صدمة جائحة «كوفيد 19»، وهي الصدمة الأولية، ومع إغلاق كثير من الدول الأجواء، وتعليق سلاسل الإمداد، تطورت الأزمة العالمية، وظهر ذلك في حالة من التضخم، لامس كل دول العالم. وأضاف: ما لبث العالم أن يتعافى من تداعيات الجائحة، حتى اندلعت الأزمة الأوكرانية، مشيراً إلى تأثير ذلك في العالم كله.
وتابع أن دول العالم تواجه تحديات كبرى في المياه والمناخ والتصحر وغير ذلك، بالإضافة إلى أزمات ارتفاع أسعار الشحن، وزيادة أسعار المواد الغذائية، مشيراً إلى أن بعض الدول منعت الصادرات. وأكد أنه خلال جائحة «كوفيد 19»، وما يمر به العالم من أزمات ومشاكل، أنشأت الإمارات منظومة الأمن الغذائي، واهتمت بإطلاق استثمارات نوعية، لتعزيز الاستيراد والتصدير، وبينما كان العالم يعاني كثيراً من الأزمات، حققت الإمارات قفزة نوعية في الاستثمارات الضخمة، ونجحت دبي في تنظيم إكسبو 2020، وأبهرت العالم بحسن التنظيم. وخطت الدولة خطوات واسعة نحو تعزيز أسواق المال المحلية، وإدراج مؤسسات مالية في أسواق المال، وكلها خطوات مدروسة بعناية شديدة، بهدف جذب استثمارات خارجية، وتنشيط الحركة الاقتصادية.
وأضاف أن المنطقة العربية، تابعت باهتمام شديد، توقيع الشراكة الصناعية التكاملية بين الإمارات ومصر والأردن، مشيراً إلى أن الدولة نجحت في عقد كثير من الاتفاقيات بين الاقتصادية، مع العديد من الدول، مثل تركيا، بالإضافة إلى حالة التناغم الواضحة مع دول مجلس التعاون الخليجي، وتأسيس تكتلات اقتصادية.
وتابع أن نظرة الإمارات تجاوزت حدودها كدولة إلى محيطها الإقليمي، وجهودها الدولية في ظل سياسة خارجية حكيمة، تتمتع باحترام كل دول العالم، واهتمامها بالاستقرار السياسي والاقتصادي، واستقرار المعابر المائية، وما تتمتع به من دور كبير، ومكانة بين الدول والمنظمات العالمية، فتجاوزت رؤية الدولة المحيط الإقليمي، وأصبحت نظرة عالمية، تعزز الاستقرار في المنطقة.
سر نجاح
وأكد خميس أن الاستقرار الاقتصادي، سر نجاح الإمارات. وأوضح أن البيئة الاقتصادية قديمة، في مرحلة ما قبل الاتحاد، كان الاعتماد على الصيد، وما وصلنا له اليوم، حدث بإيمان القيادة الرشيدة وتشجيعها ودعمها للقطاع الخاص بقوة، وبناء جيل جديد، يقتحم قطاع الأعمال بثقة، وخلق ثقافة جديدة للاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وحول البيئة التنافسية، وما يميز الإمارات عن غيرها في جذب الاستثمارات الخارجية، أكد خميس أن الإمارات ضمن العشرة الكبار في العالم في التنافسية العالمية، مشيراً إلى أن قانون الدولة، كفل سهولة التقاضي والتحكيم في الغرف التجارية، ما يعكس بيئة مريحة ومشجعة للشباب، للخوض في الأعمال الخاصة، وإطلاق الاستثمارات المتنوعة.
وأضاف أن المناخ الاستثماري الآمن، وما تتمتع به الإمارات من ثقة ووجود المحاكم ومراكز التحكيم العالمية، وسهولة الإجراءات في استخراج الرخصة التجارية، بالإضافة إلى الاستقرار الأمني والاقتصادي، وفتح القنوات مع العالم، وخلق بنية تحتية وتشريعية تواكب المستقبل.
المشاريع الصغيرة
بدوره، أكد شريف العوضي، أن أهم مميزات الإمارات، هو قبولها للمستثمر، بغض النظر عن حجمه أو خلفيته، فهي تقبل شركات عالمية، وتتيح الفرص للمشاريع الصغيرة والمتوسطة من جهة أخرى، مشيراً إلى أن بعض الدول تضع شروطها لقبول شراكات عالمية على أراضيها. وأضاف أن كثيراً من النجاحات، تبدأ بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والإمارات يمكن أن تقبل أي مشروع، مهما كان حجمه.
وأوضح أن أهم هذا ما يميز الإمارات، الجسور الممتدة بين الرغبة والثقة، مشيراً إلى ثقة العالم بالإمارات، وخاصة في وقت الجائحة. وأوضح أن الهيئات المعنية تتعامل مع كل الثقافات، واستعدت لاستقبال المستثمرين باختلاف أحجامهم، فمثلاً، قد نحتاج مشروعات صغيرة في قطاع صناعة السيارات، نتعامل مع المستثمرين الراغبين، ونسمح بالتنافس المهني القوي، وتقوم الهيئات الاقتصادية بدور كبير في تسجيل الشركات ومنح الرخص، مشيراً إلى وجود شبكة متكاملة لدعم المشاريع، فكل مشروع كبير له مشروعات تسانده، وتمده وتتعلق به. وأوضح أن الدولة نجحت في بناء بنية تحتية من أجل الإنسان.
فرص
أكدت نور عماشة، مقدمة البرامج الاقتصادية في «اقتصاد الشرق مع بلومبرغ»، التي أدارت اللقاء، أن الإمارات تتميز بسهولة إصدار الرخص التجارية، وأن القطاع المصرفي قوي، كما تحدثت عن الفرص الاستثمارية الواعدة في الإمارات، ومبادرات دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وطرحت العديد من التساؤلات حول العوامل التي ساعدت الإمارات كي تكون بيئة جاذبة للاستثمارات الخارجية والداخلية، وكيف تمكنت الإمارات من تخطي الجائحة، والتحديات التي واجهتها في هذا الشأن. طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App منبع: عربية CNBC