الإمارات

التحول الرقمي.. الطريق نحو الحياد الكربوني

تعد الانبعاثات الكربونية من أكثر القضايا التي تهدد مستقبل العالم وباتت بنداً رئيسياً على طاولة أغلب الاجتماعات، لكن الجديد هنا أن يتم على نطاق واسع بحث دور التحول الرقمي في تقليل الانبعاثات الكربونية، بل وصل الأمر إلى أن الكثير من الخبراء اعتبروا أنه أصبح الطريق نحو الحياد الكربوني. (دبي – وائل اللبابيدي

كشفت دراسة حديثة للمنتدى الاقتصادي العالمي أن التقنيات الرقمية يمكن أن تساعد بالفعل في تقليل انبعاثات الكربون العالمية بنسبة تصل إلى 15%، وهو ما يعادل ثلث التخفيض من نسبة 50% المطلوب تحقيقها بحلول عام 2030، وهو أكثر من البصمة الكربونية الحالية للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مجتمعين.

وأشارت الدراسة إلى أن التحول الرقمي في الطاقة والتصنيع والزراعة والإنشاء والخدمات والنقل وإدارة المرور يمكن أن يحقق هذا الهدف من خلال الثورة الصناعية الرابعة – لا سيما تقنيات الجيل الخامس وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي.

وقال خبراء إن زيادة التحول الرقمي في القطاعات والاعتماد في ذلك على مصادر طاقة متجددة وتغيير طرق تصميم وصناعة المنتجات فضلاً عن استخدام الابتكار والتكنولوجيا في المراحل الأولية للبحث والتطوير يمكن أن يقلل إلى حد بعيد من أجل تقليل البصمة البيئية لمنتجاتها.

وأكّد الخبراء في تصريحات لـ «البيان» أهمية الجهود التي تبذلها الإمارات لجعل الصناعة أكثر استدامة، وتخفيف البصمة الكربونية، مؤكدين «أن خطة دبي الحضرية 2040» ومزارع الطاقة الشمسية واستخدام الموارد المتجددة، والحد من انبعاثات الكربون، واستخدام الطاقة النظيفة هي بعض من الممارسات الرائدة التي تفوقت فيها الإمارات على مستوى الإمارات والعالم.

مصادر جديدة

ويقول عمار طبا، نائب رئيس هواوي للإعلام والعلاقات العامة في منطقة الشرق الأوسط، إن 40% من انبعاثات الكربون على المستوى العالمي تأتي من الأنظمة الكهربائية، لافتاً إلى أنه ولتحقيق أهداف الحياد الكربوني الذي وضعت العديد من الدول جدولاً زمنياً لها، يجب إعطاء الأولوية لتصمم أنظمة كهربائية تعتمد على مصادر جديدة للطاقة.

وأضاف: «أطلقت هواوي مؤخراً 3 مبادرات تهدف إلى تعزيز فوائد قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات على مستوى تطوير ونمو مستقبل أعمال وخدمات القطاعات والصناعات الأخرى بالتماشي مع أهداف الاستدامة، ونواصل التركيز على تعزيز نهجنا الابتكاري ومساعدة جميع القطاعات على تحقيق التحول الرقمي بالاعتماد على التقنيات الذكية النظيفة. وتتمثل إحدى أهم مبادراتنا بتحسين إمدادات الطاقة واستهلاكها بالاعتماد على التقنيات الرقمية لتمكين التنمية منخفضة الكربون، حيث يتم التركيز على تحديث الطاقة الكهروضوئية بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وغيرها من القدرات التقنية الحديثة لتعزيز الاعتماد على الطاقة المتجددة. كما نطور حلولاً منخفضة الكربون لأنظمة البنية التحتية لتقنية المعلومات والاتصالات النظيفة ونركز على المحطات الأساسية اللاسلكية ومراكز البيانات.

وتلتزم هواوي بدعم مسيرة التحول الرقمي لكافة القطاعات والصناعات في دولة الإمارات للمساهمة في بناء الاقتصاد الرقمي ونمو المجتمعات المستدامة منخفضة الكربون بالاعتماد على التقنيات الرقمية. وتركز أعمالنا للطاقة الرقمية على خمسة مجالات رئيسية تشمل: الطاقة الكهروضوئية الذكية ومرافق مراكز البيانات ونظام mPower المخصص للسيارات الكهربائية ومحطات الطاقة وحلول الطاقة المتكاملة. وتولي أعمالنا للطاقة الرقمية أهمية خاصة لدولة الإمارات ومنطقة الخليج بناء على الفرص المتاحة المتجسدة بطموحات تنويع موارد الاقتصاد وتحقيق أهداف الاستدامة والحياد الكربوني وصداقة البيئة. وهناك فرص كبيرة لنشر أنظمة الطاقة الكهروضوئية وأنظمة تخزين الطاقة على نطاق واسع، لا سيما وأن ساعات سطوع الشمس في منطقة الخليج هي الأطول على مستوى العالم، حيث تُقدر بـ2500 ساعة في السنة. لذا، عقدت هواوي شراكات استراتيجية مع عدد من الشركات المتخصصة لنشر هذه الأنظمة تماشياً مع التركيز على مرافق الطاقة الكهروضوئية الذكية ومراكز البيانات نظراً لدورها الحيوي. وفي دولة الإمارات، تعاونت هواوي مع شركة مورو، التابعة لهيئة كهرباء ومياه دبي على تأسيس أكبر مركز بيانات يعتمد على الطاقة النظيفة بشكل كامل في المنطقة.

الطاقة المتجددة

وتتوقع هواوي أنه بحلول عام 2030، ستشكل الطاقة المتجددة أكثر من 50% من توليد الكهرباء، وسيتم تحسين كفاءة طاقة تقنية المعلومات والاتصالات ب100 مرة أكثر، وستدخل الرقمنة بنسبة 50% إلى القطاع. ويضيف: «وفقاً للمنتدى الاقتصادي العالمي، يمكن للتقنيات الرقمية المساهمة في تقليل انبعاثات الكربون العالمية بنسبة 15% بحلول عام 2030. وتهدف جهودنا في مجال الطاقة الرقمية إلى الجمع ما بين التقنيات الإلكترونية للطاقة والرقمية وبالتالي تقليل استهلاك الطاقة في مراكز البيانات والبنية التحتية لتقنية المعلومات والاتصالات. وعلى سبيل المثال، حتى يومنا الحالي، استخدم أكثر من 100 مشغل اتصالات حول العالم حلول هواوي منخفضة الكربون مما أدى إلى تقليل انبعاثات الكربون بأكثر من 40 مليون طن».

أهمية الابتكار

وهول أهمية الابتكار في تقليل البصمة الكربونية قال البروفيسور تادج أودونوفان، نائب المدير ورئيس كلية الهندسة والعلوم الفيزيائية بجامعة هيريوت وات في دبي:»بلا شك أن الابتكار مطلوب لدفع عملية انتقال الطاقة وإزالة الكربون للوصول إلى صافي الانبعاثات الصفرية والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى أقل من 2 درجة مئوية، يتطلب الأمر خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة بما يقرب من 70% من مستويات عام 2015. لقد أدركت العديد من الشركات والحكومات والمنظمات متعددة الجنسيات عدم وجود استثمارات كافية في البحث والابتكار لتحقيق التحسينات في الأداء وخفض التكاليف بالسرعة اللازمة لتحويل أنظمة الطاقة في العالم إلى انبعاثات كربونية منخفضة بحلول عام 2050.

الأعمال الرقمية

وأوضح أودونوفان أن التقنيات المبتكرة والوصول إلى أنواع جديدة من البيانات ساهمت في زيادة إمكانات نماذج الأعمال الرقمية وبالتالي تسهيل عمليات الانتقال إلى الطاقة النظيفة. وأضاف: «يمكن أن تتيح نماذج الأعمال الرقمية الوصول إلى المزيد من البيانات الدقيقة. إلى جانب القدرة التحليلية المتقدمة، ويمكن للشركات تحديد الفوائد التي تجلبها حلولها للعملاء بدقة. يمكن أن يساعد هذا أيضًا في تسريع تطوير منتجات وخدمات جديدة. يمكن للأدوات والمنصات الرقمية تسهيل وتسريع انتقال الطاقة من خلال تعزيز الكفاءة والمرونة. في الوقت نفسه، تخلق الرقمنة فرصًا تجارية جديدة وتدفقات إيرادات لمقدمي خدمات الطاقة، بينما تساعد المستهلكين على فهم استخدامهم للطاقة بشكل أفضل وتبنى أنماط جديدة لاستخدام الطاقة لخفض فواتيرهم.

البناء المستدام

من جانبه قال الدكتور أنس باتاو، مدير مركز التميز في البناء الذكي (CESC) وأستاذ مشارك – الإنشاءات الذكية في جامعة هيريوت وات دبي أنه لم يعد يُنظر إلى ممارسات البناء المستدامة للوصول لصافي الانبعاثات الصفرية على أنها رفاهية بل أصبحت ضرورية. وأضاف: في الشرق الأوسط على وجه التحديد، كان هناك الكثير من التغييرات على مر السنين بسبب عوامل مثل التحضر السريع، والزيادة السكانية، والكميات الهائلة من الطاقة المستخدمة، ومستويات الانبعاثات العالية. وفي الإمارات، تعد مبادرات المدن الذكية مثل مدينة مصدر في أبو ظبي والمدينة المستدامة في دبي أمثلة رئيسية على جهود الدولة في ابتكار مدن ذكية للناس. في الواقع، المستقبل واعد أكثر. في دبي، سيتم تحويل موقع إكسبو 2020 إلى مدينة ذكية بعد الحدث الذي يستمر ستة أشهر. سيتم إنشاء دستركت 2020 من خلال الحفاظ على 80% من تطوير إكسبو 2020 دبي وتحويله إلى مساحة مستدامة ممكنة تقنيًا لمعيشة المجتمع الحضري. سيتم تحويله ليشمل المناطق السكنية والمساحات الخضراء وأماكن العمل المشترك والبحث والتطوير والتنقل الذكي.

وفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي، تمثل المباني 39% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، بما في ذلك 28% في الانبعاثات التشغيلية و 11% في مواد البناء والتشييد. الآثار البيئية للتنمية منخفضة الكربون متعددة بلا شك – تقليل الانبعاثات وتقليل التلوث وتقليل الاعتماد على الموارد غير المتجددة. بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من الفوائد المجتمعية – على سبيل المثال، وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، يمكن أن يؤدي جعل الطاقة أكثر اخضرارًا إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي بمقدار 98 تريليون دولار بحلول عام 2050. إن تعزيز الاستثمار في الطاقة المتجددة من شأنه أن يضاعف أربعة أضعاف الوظائف ليصل إلى 42 مليونًا على مستوى العالم في الثلاثين عامًا القادمة، و مع توفير للرعاية الصحية ثمانية أضعاف تكلفة الاستثمار. من خلال تبني الاقتصاد الدائري، يمكن إنشاء ستة ملايين وظيفة، حيث يتم إعادة استخدام السلع المستعملة وإعادة تدويرها وبقيمة أكبر.

ست طرق

وقال أشرف يحيى، المدير العام لدى إيتون الشرق الأوسط إن البصمة البيئية يجب أن تكون أحد الاعتبارات الرئيسية في نهج الجميع تجاه الإشراف على المنتجات. ما هو جيد لكوكب الأرض وللناس هو أيضاً مفيد للشركات وأصحاب الصناعات والقطاعات المختلفة. في الوقت الحاضر، تشعر العديد من الشركات بالمسؤولية تجاه مجتمعاتها ما دفعها للسعي من أجل تحقيق أهداف تشمل خفض الانبعاثات الكربونية بالتوازي مع التوجهات المتزايدة للتحول نحو مستقبل صفر انبعاثات.

وعادةً يتم تعريف البصمة البيئية للمنتجات على أنها عدد الموارد الطبيعية التي تستهلكها خلال مراحل التصنيع، فضلاً عن الانبعاثات الناتجة عنها. كلما قل استخدام الموارد وانخفضت الانبعاثات الناتجة خلال دورة حياة المنتج قل الأثر البيئي له. ويتم الأخذ في الاعتبار في الموارد الطبيعية المستخدمة في التصنيع كالمواد الأولية والمياه والطاقة، بالإضافة إلى الانبعاثات مثل غازات الاحتباس الحراري ومياه الصرف الصحي وملوثات التربة، التي يتم استهلاكها أو إنشاؤها أثناء تصنيع كل منتج أو تشغيله أو انتهاء عمره الافتراضي.

وحدد يحيى ست طرق يمكن أن تتبعها الشركات من أجل تقليل البصمة البيئية لمنتجاتها:

1 – استخدام المواد المعاد تدويرها أو المتجددة: حيث يساعد الاعتماد المتزايد على الموارد المتجددة والمواد المعاد تدويرها في دفع التقدم نحو اقتصاد دائري بشكلٍ أكبر. حيث يساهم هذا الأمر في تخفيف الآثار السلبية للنفايات وتقليل العبء على كوكب الأرض بعدم استنفاذ الموارد الطبيعية غير المتجددة.

2 – السعي نحو استخدام مواد أقل، حيث تتطلب المنتجات خفيفة الوزن موارد أقل لإنتاجها كما أنها تخلق نفايات أقل في نهاية عمرها الافتراضي. ومع ذلك، يمكن لوزن المنتج أيضاً أن يحدث فرقاً كبيراً في البصمة البيئية التشغيلية للمنتج. كون الوزن يرتبط ارتباطاً مباشراً باستهلاك الطاقة، على سبيل المثال تكون الطائرة الأخف وزناً أكثر كفاءة في استهلاك الوقود وكذلك الأمر مع السيارات ووسائل النقل الأخرى. وبالرغم من ذلك، يجب موازنة هذه الفوائد مع التأثير المحدود لاستخدام مواد أخف وزناً وأكثر ندرة مثل الألمنيوم أو التيتانيوم.

3 – تحقيق كفاءة تصنيع أعلى: ففي كثير من الأحيان لا يملك المهندسون سيطرة مباشرة على مجريات العملية التصنيعية للمنتج، كون قرارات التصميم تملك تأثيرات كبيرة على العملية. يؤدي استخدام المكونات العامة إلى تبسيط عمليات التصنيع، كما تساهم عوامل مثل سهولة التفكيك أو إعادة الاستخدام أو التجديد في جعل العملية أكثر كفاءة. في حين تُمكن الطرق الجديدة مثل التصنيع الإضافي أن تقلل أيضاً من النفايات أثناء الإنتاج. ناهيك عن أن تصميم المنتجات مع وضع مواد أو عمليات بديلة في الاعتبار، كالتخلص من الحاجة للمعالجة الحرارية تساهم في تقليل انبعاثات الكربون الناتجة عن عمليات التصنيع.

4 – تقليل البصمة الكربونية: يجب تمكين المهندسين وتزويدهم بأدوات تقييم دورة حياة المنتج من أجل تحديد البصمة الكربونية له، مع دعم الدراسات التفصيلية التي تختبر وتفحص التأثيرات المحيطة مثل الأكسدة الحمضية وعمليات التحلل والتأثيرات على طبقة الأوزون وانبعاثات الجسيمات وغيرها المزيد.

يعتبر الوزن الخفيف للمنتج مرة أخرى أحد الاعتبارات الرئيسية هنا، حيث يمكن أن يقلل من استهلاك الوقود والانبعاثات في التطبيقات النهائية. وبالمثل، تعد كفاءة الطاقة التشغيلية للمنتج عاملاً رئيسياً في البصمة الكربونية – حيث تعتبر مصابيح «ليد» مقابل المصابيح الفلورية أحد الأمثلة الواضحة على ذلك. في حين تلعب عمليات النقل والتوزيع والخدمات اللوجستية دوراً مهماً في تخفيف البصمة الكربونية، كون المنتجات التي تشحن جواً تنتج انبعاثات كربونية أكثر من تلك التي يتم إرسالها بوسائل أخرى كالقطارات.

5 – تصميم منتجات بشكل أفضل: ينظر المهندسون إلى دورة حياة المنتج ويدفعون باستمرار نحو الاقتصاد الدائري بهدف القضاء على الهدر والاستفادة المثلى من الموارد الطبيعية. عندما يستهلك المنتج موارد أقل وينتج نفايات أقل، يكون أكثر قدرة على الاحتفاظ بالقيمة المادية لفترة أطول والدفع باتجاه حلقة مغلقة من عمليات إعادة التدوير. كما أن اعتماد المنتجات المعيارية أو القابلة للترقية بما يتيح عمراً تشغيلياً أطول يمكنها أيضاً تحريك الإبرة نحو هذا الاتجاه.

6 – إخضاع المنتجات لبرامج استرجاع أو إعادة تدوير أو خدمات صيانة: بالنظر إلى مدى المتطلبات والسياسات التنظيمية التي تحتاجها الشركات في برامج الاستعادة أو إعادة التدوير أو الصيانة. يعد برنامج إعادة التدوير المكثف الأول من نوعه لشركة إيتون مثالاً رائعاً لذلك، كون هذا البرنامج يتضمن التقاط المواد والمنتجات من أماكن تواجدها ويدعم أي وحدة كانت، بغض النظر عن العمر أو الشركة المصنعة الأصلية أو الحالة الفنية للمنتج.

فمن خلال الحصول على منتجات أكثر أماناً وكفاءة ندفع نحو تحقيق النمو المستمر وجعل كوكب الأرض أكثر صحة. طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
منبع: عربية CNBC

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى